تُشكّل الثروات في البحار والمحيطات مصدر ًا أساسيًا للغذاء والعمل لملايين الناس حول العالم، فبحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) هناك اعترافٌ متزايد بقطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية نظرًا لمساهمتها الأساسية في الأمن الغذائي في العالم. 

     وتُعد الأغذية المائية من أكثر السلع تداولًا حول العالم، وبالتالي تواجه هذه الثروات العديد من التحديات التي تهدد استدامتها، ومن أبرز تلك التحديات هو الصيد غير المشروع الذي يؤدي بحسب (الإنتربول) إلى استنزاف الأرصدة السمكية من خلال ما تقوم به العديد من الجماعات الإجرامية المنظمة والعابرة للحدود الوطنية، والتي تلجأ للصيد بشكل كبير دون أن تأخذ أي اعتبارات بيئية بعين الاعتبار، مما يهدد الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للدول الساحلية. 

     ويتمثل الصيد الجائر/ غير المشروع للأسماك في اصطياد أعداد ضخمة جدًا من الأسماك في وقت واحد، مما يجعل أعداد الأسماك مستنزفة للغاية على نحوٍ لا يمكنها من التعافي، إذ لا يأخذ هذا النوع من الصيد التجاري أوقات تكاثر الأسماك بعين الاعتبار، خاصة وأن الصيد التجاري المُسرف عادة ما يقوم بصيد العديد من الكائنات البحرية الأخرى غير المرغوب فيها، والتي يتم التخلص منها لاحقًا. a

     ومن الجدير بالذكر أن الصيد غير القانوني دون إبلاغ أو تنظيم هو مصطلح واسع النطاق، ويشمل مجموعة من أنشطة الصيد والتي تشمل الصيد غير القانوني دون إبلاغ أو تنظيم لكافة أنواع الصيد وأبعاده، ويحدث في كلّ من أعالي البحار وفي المناطق الواقعة ضمن حدود الولايات الوطنية، وقد ترتبط في بعض الأحيان بالجريمة المنظمة، ويمكن الإشارة لأبرز أنواعه على النحو التالي: 

1. الصيد غير القانوني: تمارسه سفن وطنية أو أجنبية في مياه خاضعة لولاية دولة ما، من دون إذن من تلك الدولة، أو بما يُعتبر مخالفة لقوانينها ونظمها، وقد تمارسه سفن ترفع علم دول أطراف في منظمة إقليمية لإدارة مصايد الأسماك ذات الصلة ولكنها تعمل بطريقة تتعارض مع تدابير الصون والإدارة المعتمدة من قبل تلك المنظمة والتي تُعتبر ملزمة للدول، أو مع أحكام القانون الدولي المرعي الإجراء ذات الصلة؛ أو بما ينتهك القوانين الوطنية أو الالتزامات الدولية، بما في ذلك تلك التي تقع على عاتق الدول المتعاونة تجاه منظمة إقليمية لإدارة مصايد الأسماك.  
2. الصيد دون إبلاغ: هو الصيد الذي لم يتم الإبلاغ عنه، أو تم الإبلاغ عنه بشكل غير صحيح إلى السلطة الوطنية المختصة، بما يتعارض مع القوانين والنظم الوطنية؛ أو هو الصيد الذي يُمارس في مجال اختصاص منظمة إقليمية لإدارة مصايد الأسماك من دون أن يتم الابلاغ عنه أو من خلال الإبلاغ عنه بشكل غير صحيح، بما يتعارض مع إجراءات الإبلاغ المتبعة في تلك المنظمة.  
3. الصيد دون تنظيم: هو صيد تتم ممارسته في مجال عمل منظمة إقليمية لإدارة مصايد الأسماك ذات الصلة سفن لا تحمل جنسية أو ترفع علم دولة ما غير طرف في تلك المنظمة، أو كيان لصيد الأسماك، بطريقة غير متسقة مع تدابير الصون والادارة لتلك المنظمة أو تتعارض معها، أو في المناطق أو للأرصدة السمكية التي لا توجد فيها تدابير صون أو إدارة معمول بها وحيث تُمارس أنشطة الصيد هذه بطريقة لا تتسق مع مسؤوليات الدولة فيما يتعلق بحفظ الموارد البحرية الحية بموجب القانون الدولي.

     وبسبب الصيد الجائر وغير المشروع للأسماك لفترات طويلة وعلى نحوٍ واسع النطاق أصبح حوالي ثلث مصايد الأسماك في العالم الآن معرضًا للعديد من المخاطر، خاصة وأن العديد منها غير مدروس، كما أن هذه الأنشطة مسؤولة عن خسارة حوالي (11-26 مليون طن) من الأسماك سنويًا، والتي تقدر قيمتها الاقتصادية بحوالي (10-23 مليار دولار).

     وللحد من هذه الظاهرة الخطيرة، وفي ضوء الغاية رقم (4) من غايات الهدف (14) للتنمية المستدامة، عمل المجتمع الدولي على تنظيم الصيد على نحوٍ فعال وإنهاء الصيد المفرط والصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم وكافة ممارسات الصيد المدمرة، إلا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب بذل العديد من الجهود في سبيل زيادة الوعي ولفت الانتباه على صعيد واسع بهذه المشكلة وآثارها السلبية التي تؤثر على استدامة الموارد المائية.