جاري التحميل
جاري التحميل
في ظلّ ما شهده العام -وما زال- من حروبٍ مدمرة أحالت العديد من المُدن إلى مجرد أنقاض يستحيل العيش فيها، ومحوِ كافة أنواع الجمال والفن، تنبّهت بعض المجتمعات الأوروبية إلى ضرورة الحفاظ على البيئة الطبيعية، كما ساهم التطور والنهضة الصناعية في تهديد مصادر الحياة وجودتها واستدامتها.
وقد أدّت هذه المُعطيات وغيرها إلى تنبّه العديد من الفنانين والمصممين إلى أهمية الحفاظ على كلّ من الأرض والطبيعة ومصادر الحياة، فعملوا على تقديم تصاميم وأعمال فنية تستهدف لفت أنظار العالم والمجتمعات الإنسانية كافة إلى الجمال الذي سنخسره ما دامت ممارساتنا البيئية غير مسؤولة، ثم حاولوا تطوير هذه الفنون لتُصبح أعمالًا ذات أُفق تصميمي متطور تساهم في تغيير المُحيط من حولنا، وتُعيد تقديمه وفق أشكالٍ وتصورات إبداعية تتلاءم مع البيئة وتندمج فيها، وتستمد معظم موادها وخاماتها من البيئة نفسها.
ويُعرّف التصميم الإيكولوجي بأنه: مصطلحٌ يشير إلى الإرادة في تصميم منتوجاتٍ تحترم أسس التنمية المستدامة والبيئة، وهو يقوم على دمج الجوانب البيئية في عملية تطوير المنتج، من خلال تحقيق التوازن بين المتطلبات البيئية والاقتصادية.
ويأخذ التصميم الإيكولوجي في الاعتبار الجوانب البيئية في جميع مراحل عملية تطوير المنتج، ويسعى جاهداً للحصول على منتجات تحقق أقل تأثير ممكن على البيئة طوال دورة حياتها، ويعتمد هذا النوع من التصاميم على استراتيجيتين أساسيتين هما: تمديد أو إنهاء دورة حياة المنتج. وذلك من خلال الحرص على أن يكون عمر المنتج طويلًا قدر الإمكان ومصممًا ليدوم مدى الحياة، أو من خلال تصميمه على نحوٍ يضمن إمكانية تفكيكه أو إعادة استخدامه.
ووفقاً لدراسة أجرتها (شركة ماكينزي)، فإن أكثر من (25%) من إجمالي الإيرادات والأرباح عبر الصناعات تأتي من إطلاق منتجات جديدة، ومع ذلك، فإن أقل من (1%) من المنتجات الجديدة تعتمد الاستدامة كمعيار للتصميم.
وتتمثل معايير التصاميم الإيكولوجية في:
وفي ضوء ما سبق، يمكننا القول إن التصميم الإيكولوجي هو نظامٌ تكاملي مسؤول بيئيًا ويراعي التأثيرات البيئية للمنتج، وبالتالي فهو يتطلب منا أن نفكّر بشكل واضح في التأثيرات البيئية لكلّ شيء نصنعه ونستهلكه، وذلك ابتداءً من المواد والخامات التي يحتاجها المنتج، مرورًا بكميات الطاقة التي سيحتاجها خلال عملية الإنتاج أو التصنيع، وانتهاءً بالعمر المتوقع أن يعيشه وما سيتركه من أثرٍ بيئي بعد الانتهاء منه أو عند انتهاء دورة حياته.
وفي هذا الصدد أصدرت الأمم المتحدة (عقد الأمم المتحدة لإصلاح النظم الإيكولوجية) وهو عبارة عن دعوة حاشدة لحماية النظم الإيكولوجية وإحيائها في جميع أنحاء العالم على نحوٍ يعود بالفائدة على كلّ من الإنسان والطبيعة، وتستهدف هذه الدعوة وقف تدهور هذه النظم، وإصلاحها لتحقيق أهداف عالمية تتمثل في تحسين سُبل العيش، ومكافحة تغير المناخ، ووقف انهيار التنوع البيولوجي.
ويمتد هذا العقد من عام (2021 – 2030) وهو الموعد المقرر لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأشار العلماء بأن هذا العقد يمثل "فرصة أخيرة" لاتقاء التغييرات الكارثية في المناخ.
وفي ضوء هذا العقد الذي تتولى قيادته كلّ من برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، سيتم إطلاق آلاف المبادرات حول العالم، وتوفير منصة إلكترونية متخصصة لكافة المُهتمين بالإصلاح لإيجاد المشاريع والشركاء والتمويل لإنجاح جهود المهتمين في مجال الإصلاح.