جاري التحميل
جاري التحميل
إن التغيّر المناخي من أبرز المشكلات الطبيعية طويلة الأجل التي يعاني منها العالم، وذلك لما لها من تداعيات عدّة على النظم كافة، سواء كانت طبيعية، أو اقتصادية، أو تكنولوجية، أو حتى اجتماعية، فقد أكّدت كافة التقارير التقييمية لمختلف الهيئات الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بأن التغيّر المناخي هو حقيقة عالمية قائمة لها تأثيراتها وتداعياتها على المستوى المحلي والعالمي.
وتُعد سلطنة عُمان من الدول التي تتأثر بشدّة بالتغيّرات المناخية ، نظرًا إلى مناخها الجاف أصلًا، والذي يؤثر بدوره على محدودية الموارد المائية، فتزيد احتمالية حدوث الكوارث الطبيعية التي كان أبرزها الأعاصير المدارية، وهو ما يؤثر سلبًا وبشكل مباشر على النظم البيئية في السلطنة.
ولتحديد أبرز التغيّرات المناخية في سلطنة عُمان، يجب ذكر الأقاليم المناخية للسلطنة، والمتمثلة في ثلاثة أقاليم، وهي:
وتبيّن الدراسات الحديثة القائمة على بيانات الأرصاد الجوية في العقود الثلاثة الماضية زيادة في درجات الحرارة القصوى لا تتجاوز (0,5 درجة مؤية)، أما الزيادة في درجات الحرارة الدُّنيا تتراوح بين( 0,8) و (1,5) درجة مؤية، وتبيّن كذلك أن (35%) من التساقطات المطرية في عُمان تسقط في الأجزاء الجنوبية، وأن (46%) منها تسقط في الأجزاء الشمالية، مع توقّعات بانخفاض معدّل سقوط الأمطار في المناطق الشمالية، وارتفاع بسيط في المناطق الجنوبية، بالإضافة إلى وجود تذبذب كبير للتساقطات الموسمية في أجزاء السلطنة، وتواتر مسترسل للمواسم الجافة.
ويتأثر مناخ سلطنة عُمان بالتغير المناخي، وتتأثر النظم البيئية فيها نظرًا لذلك، وبالعودة إلى عنصريّ الأمطار والحرارة، نرى بأنه تم رصد هذه التغيّرات في ارتفاع درجات الحرارة بمعدلات متّسقة مع معدلات مناطق مختلفة من دول العالم، وبالنسبة إلى الأمطار فهي أكثر تذبذبًا، فتبين وجود فترات جفاف كبيرة نسبيًا وهو ما يؤثر بوضوح على تغذية المياه الجوفية، ولا تقتصر التغيّرات المناخية في السلطنة على شدّة وتيرة الأعاصير المدارية و العواصف والمنخفضات فقط، بل إن ارتفاع معدّلات درجات الحرارة يشير إلى ارتفاع موجات الحر، وبالتالي حاجة أكبر إلى الطاقة اللازمة لتكييف الهواء لسكّان السلطنة.
إضافة إلى ذلك، فإن انخفاض حجم التغذية الجوفية في مياه الأمطار يؤثر بشكل مباشر على تداخل مياه البحر مع مياه الخزانات الجوفية، وارتفاع نسبة الملوحة في مياه الري، الأمر الذي يؤدي إلى تملّح وتدهور الأراضي الزراعية في السلطنة، وتعمل بعض الكوارث الجوية الحاصلة بسبب تغير المناخ على تأثر حجم المياه المتدفقة في الأودية، وبالتالي زيادة إمكانية حدوث الفيضانات والتعرية وحتى تدمير البنية التحتية، كما قد يؤدي الارتفاع في درجات الحرارة إلى ارتفاع مستويات التبخّر، وبالتالي قلّة توافر المياه في المصادر الجوفية والمسطحات المائية السطحية.
وبناءً على كل ما سبق، يجب التأكيد على أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل مباشر في النظم البيئية المختلفة في السلطنة، مما يستوجب الاهتمام وتكامل الجهود بين كافة الجهات الحكومية والدولية ذات العلاقة، ورفع مستوى الوعي والمسؤولية البيئية التي تقع على عاتق المؤسسات ذات الأنشطة الصناعية المختلفة.