جاري التحميل
جاري التحميل
تشهد الأسواق العالمية تناميًا كبيرًا على طلب الطائرات بدون طيار التي تُعرف باسم (الدرونز)، وهي عبارة عن: "طائرات لا يوجد على متنها طيار أو طاقم أو ركاب ويمكن أن تكون ذاتية الإدارة أو يتم التحكم فيها عن بعد وتستطيع هذه الطائرات أن تحلق لمدد طويلة على ارتفاعات وسرعات يتم التحكم فيها".
وعلى الرغم من أن المخاطر والاستخدامات العسكرية هي أول ما يخطر في البال عند الحديث عن طائرات بدون طيار (الدرونز)، إلا أن الواقع يشير بأن استخداماتها أوسع بكثير، وذلك نظرًا لما تمتلكه هذه الطائرات من قدرات استثنائية يمكن استثمارها في العديد من المجالات، إذ تتمثل مميزات هذه الطائرات في:
وبناءً على ذلك يمكننا القول إن هذه القدرات الضخمة لفتت نظر الدول والحكومات والمؤسسات المختلفة إلى إمكانية استثمارها لخدمة البيئة، في عدّة مجالات واسعة.
إذ أشارت العديد من الدراسات بأن (الدرونز) قادرة على مساعدة الباحثين والمهتمين بعلوم البيئة والحيوانات خاصة المهددة بالانقراض، وتوفير الكثير من الوقت والجهد، إذ تمكنت هذه الطائرات من تحديد أوكار الشمبانزي الذي صنّفه (الاتحاد الدولي للحفاظ على البيئة) بأنه مهدد بالانقراض، ورسم خرائط توزعها في المناطق النائية، إلى جانب الكشف عن التغيرات التي يواجهها هذا الحيوان في بيئته، وذلك على نحوٍ أسرع بكثير من طرق المسح التقليدية.
كما تساهم الدرونز في رسم خرائط الغابات الضخمة، والتي تُعتبر مُكلفة جدًا خاصة إذا تم التقاطها بواسطة الأقمار الصناعية، والتي لا تكون دائمًا بدقّة عالية، وبالتالي تعتبر هذه الطائرات خيارًا أكثر دقة وأقل تكلفة.
ومن الجدير بالذكر هنا هو دور الدرونز في إطفاء حرائق الغابات التي تشتعل كلّ عام، مما يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح والنظم البيئية، ففي الولايات المتحدة وحدها سجلت الجمعية الوطنية للحماية من الحرائق (NFPA) (3.7) مليون حريق عام (2022) ووفاة أكثر من (3700 شخص)، وأضرار في الممتلكات تقدر بحوالي (15.5 مليار دولار).
وتُستخدم طائرات الدرونز المُجهزة بأحدث التقنيات لمكافحة الحرائق في معالجة هذه الظاهرة العالمية، وذلك لأنها تمتلك قدرة استثنائية على الانتشار سريعًا في المناطق الصعبة، والتنقل في المساحات الضيقة والتحليق فوق العوائق. كما يمكنها الوصول إلى ارتفاعات لا يمكن لرجال الإطفاء الوصول إليها، مما يحسن أوقات الاستجابة وجهود الاحتواء، وفي الوقت نفسه، فإن البيانات التي تحصل عليها الطائرات بدون طيار في وقت قياسي بشأن سلوك الحرائق ودرجات الحرارة وأنماط الدخان تساعد قادة الحوادث ورجال الإطفاء على ضبط استراتيجياتهم واتخاذ قرارات مستنيرة لجهود مكافحة الحرائق الأكثر فعالية.
ويتوقع تقرير صدر عن الأمم المتحدة عام (2022) أن يؤدي تغير المناخ، وتغير استخدام الأراضي، إلى زيادة تواتر حرائق الغابات وشدتها، مع زيادة عالمية في الحرائق الشديدة بنسبة تصل إلى (14%) بحلول عام (2030)، و(30%) مع نهاية عام (2050) و(50%) بحلول عام (2100).
أما على الصعيد الزراعي، فيمكن استخدام الطائرات بدون طيار لزراعة الأشجار والتي تعتبر مهمة تحتاج إلى عمالة كبيرة، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى ما قام به أحد المؤثرين عبر منصات التواصل الاجتماعي بزراعة حوالي (1700 شجرة) في يوم واحد من خلال الاعتماد على طائرة بدون طيار متخصصة في إعادة التشجير من خلال إجراء تحليل بيانات التضاريس وتحديد أفضل المواقع لغرس البذور لتحقيق معدّل البقاء الأمثل.
كما يتم استخدام بعض طائرات الدرونز لأغراض مراقبة البيئة والنباتات المختلفة، وتوفّر نظرة عامة على حالات الحقول الزراعية وظروف التربة والأعشاب الضارة، وتوفّر هذه الخصائص موارد بشرية ووقتية هائلة، كما تساهم في تحسين إنتاجية المحاصيل الزراعية. ومن جانبٍ آخر تساهم الطائرات بدون طيار في استصلاح الأراضي الزراعية بعد الانتهاء من عمليات استخراج النفط والغاز التي تُعطّل العديد من المساحات الزراعية، إذ تقوم هذه الطائرات بجمع البيانات ومراقبة نمو الغطاء النباتي بشكل أكثر كفاءة، كما تساعد البيانات الجوية التي تم التقاطها بمساعدة أحدث تقنيات الطائرات بدون طيار في مراقبة وقياس عملية الاستصلاح بشكل دقيق وسريع. وفي هذا السياق فمن المتوقع أن تزيد مبيعات الطائرات بدون طيار الزراعية حوالي (5 مليارات دولار) خلال عام (2024).
وبناءً على ما سبق، يمكننا القول إن الطائرات بدون طيار هي أداة تقنية تمتلك قدرات ضخمة يمكن بالفعل أن يشكل اعتمادها بشكل واسع مخاطرًا على الحياة والأمن والبيئة.. أو العكس، ويرجع ذلك إلى جهود توظيفها واستثمارها على النحو الأمثل.