جاري التحميل
جاري التحميل
ازداد التنافس الدولي على إطلاق رحلات فضائية واكتشاف ما هو خارج كوكب الأرض في النصف الثاني من القرن الماضي، مما أدى إلى فتح باب تنافس نحو التوصّل إلى آفاق جديدة مليئة بالغموض والفُرص.
وظهرت بوادر سباق الفضاء في الحرب الباردة (الخمسينيات والستينيات)، حيث بدأت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي سباق الفضاء خلال الحرب الباردة، وكان إطلاق أول قمر صناعي، (سبوتنيك 1) من قبل الاتحاد السوفييتي في عام (1957م) بمثابة بداية استكشاف الفضاء الذي مهّد الطريق للاستخدامات العسكرية للفضاء، وبعد ذلك أنشأت الولايات المتحدة مكتب الاستطلاع الوطني (NRO) عام (1961م) لتطوير وتشغيل أقمار الاستطلاع لأغراض الأمن القومي والأغراض العسكرية.
ويشهد الوقت الحالي تزايدًا في الاعتماد الدولي على التكنولوجيا الفضائية أكثر من أي وقت مضى، إذ تصاعد مفهوم عسكرة الفضاء أو تسليحه بشكل متزايد، خاصة مع تعدد استخداماته المدنية والعسكرية على حدّ سواء، ليشهد الفضاء بذلك شكلًا جديدًا من أشكال سباقات التسلّح العالمي، واتجاه العديد من الدول إلى تطوير أساليب وأسلحة مضادة لمهاجمة الأقمار الصناعية.
ومع قيام العديد من الدول بإطلاق الأقمار الصناعية وغيرها من الأصول الفضائية، زادت كمية الحطام الفضائي، (ففي عام (2021م) قامت روسيا باستهداف قمر صناعي سوفيتي خارج الخدمة باستخدام صاروخ باليستي، وقد خلف تدميره حوالي (1500 قطعة حطام).
وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين برزت أهمية مراقبة الفضاء والتوعية بظروف الفضاء، وأصبحت الحاجة إلى تتبع الأجسام الموجودة في مدار الأرض والحفاظ على الوعي الظرفي الفضائي أمرًا بالغ الأهمية بسبب الازدحام المتزايد في الفضاء، فطورت الولايات المتحدة ودول أخرى أنظمة مراقبة فضائية لمراقبة الأقمار الصناعية والحطام الفضائي.
ويُعرّف الحطام الفضائي بأنه عبارة عن: "المخلفات والنفايات التي تركها الإنسان في الفضاء ولم تعد تخدم غرضًا مفيدًا، مثل الأقمار الصناعية البالية، والمعدات المُهملة، ومراحل صواريخ الإطلاق المتفجرة". ويُقدر الحطام الفضائي الموجود حاليًا بآلاف القطع الكبيرة، وملايين القطع الصغيرة التي تسير بسرعة هائلة، وتُشكّل تهديدًا لبيئة العمل في الفضاء من جهة، وإعاقة عمليات الوصول إلى الفضاء مستقبلًا من جهة أخرى، خاصة وأن بعض قطع الحطام هذه تدور في مدار الأرض المنخفض.
ويشكل خطر الاصطدام بين الأقمار الصناعية والحطام الفضائي تهديدات ليس فقط للبنية التحتية الفضائية الحالية، ولكن أيضًا للمهام المستقبلية وإمكانات الوصول إلى الفضاء، فوفقًا لوكالة ناسا (فإن الحطام الموجود في المدارات التي تقل عن 600 كيلومتر سيعود إلى الأرض في غضون عدة سنوات، لكن ما فوق 1000 كيلومتر سيستمر في الدوران حول الأرض لمدة قرن أو أكثر.
ولا يوجد أرقام أو إحصائيات دقيقة لأعداد الحطام الفضائي، إلا أن المؤشرات الأكثر دقة تشير إلى وجود حوالي (9000 طن) ن النفايات الفضائية، أي ما يعادل وزن حوالي (750 حافة مدرسية)، بحسب وكالة الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) فإنه بغضون (5-10 سنوات) سيصبح تأثير النفايات في البنية التحتية الفضائية ملموسًا..
ويُعد العالم الأمريكي وخبير الحطام الفضائي ي وكالة (ناسا) (Don Kessler) من أوائل من تناول موضوع النفايات الفضائية وتأثيراتها المحتملة مستقبلًا، إذ قدّم ما يعرف باسم (متلازمة كيسلر) والتي تقوم على أنه بمجرد تجاوز كتلة حرجة معينة، فإن الكمية الإجمالية للحطام الفضائي ستستمر في الزيادة، وقد تؤدي إلى المزيد من الاصطدامات في تفاعل متسلسل.
و لتجنب هذه المخاطر العديدة المحتملة لتزايد الحطام الفضائي، من المفترض أن تطلق وكالة الفضاء الأوروبية أول مهمة فضائية لإزالة الأنقاض من مدار الأرض عام (2025)، إلا أنه من المتوقع أن تواجه هذه المهمة الكثير من المصاعب والتحديات، كما تسعى وكالة (ناسا) والعديد من المهتمين بمشكلة النفايات والحطام الفضائي إلى ابتكار وتطوير أجهزة تلتقط القطع التي تهدد الأقمار الاصطناعية لتنظيف الفضاء من هذه الملوثات، ويتوقف نجاح هذه الجهود وغيرها على مدى إمكانية تحقيق تعاون وتكامل دولي بين كلّ من الجهات الحكومية والجهات الخاصة والتجارية لضمان حماية الأرض من مخاطر ما يحدث في الفضاء..