جاري التحميل
جاري التحميل
"بتكون ماشي عالمطبات في أمان الله.. فجأة بتلاقي شارع!"
يُعد الهدف الرئيسي للمطبّات في الشوارع هو الحد من السرعات العالية للسيارات، ولذلك عادة ما يتم وضعها في محيط المدارس أو الأحياء السكنية، إلا أنها وعلى الرغم من أهميتها تشكّل مصدر إزعاجٍ للعديد من الناس، خاصة في حال عدم وجود أي ألوان تُميزها مما يجعلها سببًا لبعض الحوادث المرورية، أو بأحسن الأحوال إلحاق الضرر بالمركبات أو أصحابها ممن انسكب عليهم كوب القهوة، أو اصطدم رأسهم بالنافذة..
وعلى الرغم من أن هذه المطبّات ضرورية في بعض الحالات، ومصدرُ إزعاج وقلق في حالات أخرى، إلا أن المؤكد هو أنها في حال عدم التزامها بالمعايير من حيث الحجم والتصميم قد تؤدي إلى العديد من المخاطر، ومن جانبٍ آخر فهي تساهم بشكلٍ مباشر في زيادة معدلات استهلاك الوقود، إذ يهدر كلّ مرور فوق هذه المطبّات حوالي (5-10 مل) من الوقود.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة يُعد الوقود الأحفوري من أكبر المساهمين في تغير المناخ العالمي، إذ يمثل حوالي أكثر من (75%) من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، وحوالي (90%) من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ونظرًا لأن هذه الانبعاثات تتواجد في الغلاف الجوي للأرض، فهي تحبس حرارة الشمس، وتساهم في الاحتباس الحراري، وترفع درجات حرارة الأرض بشكلٍ سريع.
وقد صادقت (192 دولة) والاتحاد الأوروبي على اتفاقية باريس التاريخية لعام (2015) أو انضمت إليها، وهي معاهدة دولية ملزمة قانونا تنطوي على التزام عالمي بالوصول إلى خفض الانبعاثات بنسبة (45٪) بحلول عام (2030) وصافي الصفر بحلول عام (2050).
ولتحقيق هذه الغاية، سيحتاج العالم إلى خفض الانبعاثات الأحفورية وإنتاج الوقود بنحو (6%) سنويًا بين عامي (2020) و(2030). ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تسريع المصادر البديلة لتوليد الطاقة النظيفة والمتجددة.
وبالتالي يمكننا القول إن المطبّات المنتشرة في الشوارع يمكن أن تؤثر بدرجاتٍ متفاوتة على البيئة سلبًا، إلا أن السؤال هنا، هل يمكن أن نستثمرها لخدمة البيئة؟
فبحسب صحيفة (The Guardian) البريطانية تم إقرار نشر ما يُعرف باسم مطبّات السرعة الخضراء (Green Speed Bumps) عام (2009) في الشوارع البريطانية، وهي مطبّات تولّد طاقة الكهرباء من خلال مرور السيارات فوقها، وتتراوح تكلفة هذه المطبّات بناءً على حجمها ما بين (20 – 55 ألف جنيه إسترليني) أي ما يُعادل حوالي (25 – 69 ألف دولار)، بينما توفّر هذه المطبات تبعًا لتدفق حركة المرور وكثافتها حوالي (10-36 كيلو واط) من الطاقة يوميًا، والتي يمكن استخدامها على الفور لإنارة الشوارع أو لإشارات المرور مثلًا، أو تخزينها، أو الاستفادة منها لتغذية الشبكة الوطنية للكهرباء.
ومع أنها قد تبدو (مُكلفة) لبعض الدول، إلا أن تكلفتها فعليًا تقتصر على تكلفة المعدات اللازمة لإنشائها، وبالتالي فهي قادرة لاحقًا على تغطية تكلفتها وتوفير كميات ضخمة من الطاقة.
وقد ظهرت العديد من المبادرات والابتكارات والشركات التي تبنّت هذا النوع من التقنية، وعلى الرغم من اختلاف تكاليفها وآليات عملها إلا أنها تحقق هدفًا واحدًا مفاده: توليد طاقة كهربائية من المطبّات الصديقة للبيئة والتي تعمل على توفير الطاقة بشكلٍ أقل تكلفة ماديًا وبيئيًا.
وعلى الرغم من أن العديد من الدراسات والتقارير أكّدت بأن هذا الأمر ممكن، وتعدد الأخبار التي تشير إلى اهتمام العديد من الدول باعتماد وتطبيق هذه التقنية، إلا أن الواقع يشير بأن هذه الفكرة لم يعتمد اعتمادها وتطبيقها بشكلٍ واسع حتى اليوم.
ويتطلب اعتماد هذه التقنية إلى توجيه القيادات الوطنية والسياسية إلى أهمية بذل العديد من الجهود والاستثمارات للانتقال والتحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة بشكلٍ أكبر، والإيمان بأن هذه الابتكارات وغيرها يُعد ضرورة لا غنى عنها لتحقيق مستهدفات التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة التي تواجه العديد من المخاطر التي لا تُعد ولا تُحصى.